سلسلة وظائف الدماغ: الفص الجداري

الفص الجداري

القشرة المخية، هي المنطقة السطحية من المخ وتتكون من المادة الرمادية، وهي ما تُميِّز الإنسان والثديات عن باقي الحيوانات، حيث تحدث بها العمليات العليا والمعقدة، في الماضي، قسَّم علماء الأعصاب القشرة المخية إلى أربعة فصوص، بداية من الفص الجبهي، الفص الجداري، الفص الصدغي وانتهاء بالفص القذالي، وهذا بناء على موقع كل فص داخل الجمجمة، ولكن الآن نحن نعلم أن كل فص يقوم بأداء العديد من المهام المتخصصة، فما هي هذه المهام وما الأعراض الناجمة عن الإصابة في أحد هذه الفصوص؟

المرأة التي تدور حول نفسها

بعد تعرض امرأة لسكتة دماغية، أصبحت غير قادرة على التمييز أو الاستجابة للأشياء التي على يسارها، على سبيل المثال، عندما تقوم بوضع مساحيق التجميل فإنها تضعها على الجزء الأيمن من وجهها فقط، فهي لا تستطيع الإحساس أو التفاعل مع النصف الأيسر من عالمها، وذلك لأنها أصيبت بمتلازمة “الإهمال النصفي”، وهو اضطراب في قدرة المرء على الاستجابة للمنبهات الموجودة على الجانب المقابل للجسم من موقع التلف في الدماغ، وبسبب هذه المتلازمة عانت الكثير من المشاكل، مثل أنها كانت لا تحصل على كفايتها من الطعام، فعند وضع الطعام أمامها لا تدرك سوى الجزء الأيمن من الصحن فلا تأكل غيره وتظل جائعة، ولكنها وجدت علاج غريب لهذه المشكلة، فعندما تنتهي من نصف صحنها فإنها تقوم بالدوران إلى اليمين بواسطة كرسيها المتحرك وتظل تدور حتى يُصبح النصف الآخر من الطبق مرئي لها، وتكرر هذه العملية حتى تتأكد من أنها أنهت طعامها.

كان سبب الإصابة بهذا المرض هو التعرض لسكتة دماغية، والتي سببت تلف في الجزء الخلفي من الفص الأيمن الجداري، ويقع الفص الجداري خلف الفص الجبهي مباشرة، وهو القائم بمعالجة اللغة والمدخلات الحسية.

الفص الجداري:

الصورة توضح الحيز الذي تأخذه المناطق الحسية المختلفة من القشرة.

الفص الجداري من الأجزاء الأساسية في الدماغ للإدراك والتكامل الحسي، وهذا يتضمن إدارة حاسة التذوق، السمع، البصر، الشم واللمس، فهو موطن للأجزاء التي تعالج المعلومات الحسية الأولية، وهو من يقوم بتفسير المعلومات والمدخلات من مناطق أخرى في الجسم،
وتشير الأبحاث أنه كلما زادت المعلومات الواردة من منطقة
في الجسم -مثل الأصابع واليدين- كلما زادت مساحة المنطقة المخصصة لمعالجة هذه المعلومات، لذا فلنأخذ نظرة أكثر وضوحًا على مهام الفص الجدار.

  • تحديد موضع اللمس، عندما تقوم بلمس شيء بواسطة مثل يدك، فإن فصك الجداري يتيح لك الشعور بإحساس اللمس في يدك فقط وليس في أي جزء آخر من الجسد مثل المخ.
  • دمج المعلومات الحسية من معظم مناطق الجسم.
  • التفكير المرئي والملاحة البصرية، فعندما تقرأ خريطة وتتبع التعليمات أو محاولة تجنب التعثر في عقبة غير متوقعة، فإن الفص الجداري يشارك في هذه العمليات، وأيضًا القدرة على تحديد موضع جسدك، كمثال عندما تقوم بلمس أنفك دون أن ترى نفسك في المرآة.
  • بعض الوظائف البصرية، جنبا إلى جنب مع الفص القذالي.
  • تحديد العلاقات العددية، مثل عدد الأشياء التي تراها.
  • تحديد الحجم، الشكل والتعرف على المحفزات المرئية والأشياء التي تمت رؤيتها من قبل.
  • رسم خرائط العالم المرئي؛ حيث أن عدد من الدراسات الحديثة تشير إلى أن مناطق معينة في الفص الجداري بمثابة خرائط للعالم المرئي.
  • التناسق بين اليد، الذراع وحركة العين.
  • معالجة اللغة.
  • تنظيم الانتباه والملاحظة.

تراكيب هامة في الفص الجداري

على الرغم من أنه يمكن تقسيم الفص الجداري إلى النصف الأيمن والأيسر، إلا أنه يحتوي على بعض التراكيب المتميزة، كلٌّ منها يساهم بقدر كبير في وظائف الدماغ، نستعرض منها ما يلي:

  • الـPostcentral gyrus، تحتوي على القشرة الحسية الجسدية الأولية، وتقوم باستقبال الأحاسيس المختلفة من الجسم، وقد يطلق عليها اسم باحة بوردمان الثالثة.
  • الـPosterior parietal cortex، تلعب هذه المنطقة دور أساسي في التناسق الحركي، بالإضافة إلى الانتباه، خاصة الانتباه الناجم من محفزات جديدة، مثل قفز حيوان أمامك أثناء قيادتك لسيارتك على الطريق.
  • الـSuperior parietal lobule، تساعدك هذه المنطقة على تحديد الموقع النسبي لجسدك والموقع النسبي للأجسام الأخرى، كما أنها تستقبل مدخلات كثيرة من اليد؛ مما يشير إلى أنها تساعد على تنسيق المهارات الحركية الدقيقة والمدخلات الحسية من اليدين.
  • الـInferior parietal lobule أو(Gerschwind’s territoryتساعد هذه المنطقة في فهم تعابير الوجه التي تعبر عن مشاعر معينة، ويعتقد بعض الباحثين أنها تلعب دورًا في وظائف أخرى، بما في ذلك معالجة اللغة، إجراء العمليات الحسابية الأساسية، وحتى مدى رضاك عن جسدك (Body Image مصطلح للتعبير عن رأيك في جسدك وما مدى شعورك بالراحة مع هذا الجسد).

التعرض لإصابة في الفص الجداري:

ولأن الفص الجداري له دور فعال في التفكير المرئي، دمج المعلومات الحسية والمهارات اللغوية، فإن الإصابة بضرر في هذه المنطقة قد تؤدي إلى مجموعة من العواقب، ويعتمد مدى الضرر على موقع الإصابة وإذا كانت الإصابة يمكن علاجها، على سبيل المثال، عند وجود ورم يضغط على الفص الجداري فالخيار الأفضل يكمن في إزالة الورم، ومدى جودة العناية الصحية من الأشياء الهامة جدًا، خاصة عندما تشمل الرعاية الجسدية والمهنية -على مستوى العمل- والرعاية عن طريق التواصل بالحديث، فالعلاج المناسب يساعد الدماغ على التغلب على الإصابة، فإن عمرك ونمط الغذاء والالتزام بأسلوب حياة صحي والحالة الصحية العامة عند حدوث الإصابة عوامل أساسية تؤثر في مدى استجابتك للعلاج، على عكس مَن يعانون مِن مشاكل في القلب والأوعية الدموية أو الذين لا يريدون تجربة أسلوب حياة جديد.

هنالك ثلاث متلازمات غالبًا ما تصيب الأشخاص مع إصابة في الفص الجداري:

  • الإصابة في النصف الأيمن من الفص الجداري، قد تؤدي إلى إعاقة في القدرة على رعاية الجسم أو رعاية جانب واحد على الأقل( الإهمال النصفي)، وايضًا المصابون بضرر في هذه المنطقة قد لا يستطيعون الرسم أو صنع الأشياء.
  • متلازمة غريستمان، وهي تنتج نتيجة إصابة في النصف الأيسر من الفص الجداري، وأعراضها عسر في الكتابة، عدم القدرة على تعلم أو فهم الرياضيات وعدم القدرة على تحديد الأشياء (عدم تحديد أصابع اليدين) ولكن مدى الضرر يختلف من شخص لآخر.
  • الإصابة في كلا النصفين الجداريين، يؤدي إلى الإصابة بـ”متلازمة بالينت”، وأعراضها عدم القدرة على توجيه العين والمكافحة من أجل دمج مكونات المشهد البصري وعدم القدرة على تحريك والتلاعب بالأجسام دون النظر إليها.

في النهاية، نترككم مع هذا الفيديو الذي يوضح حالة المصابين بـ”متلازمة الإهمال النصفي”.

[bs-embed url=”https://www.youtube.com/watch?v=d4FhZs-m7hA”]https://www.youtube.com/watch?v=d4FhZs-m7hA[/bs-embed]

___________

إعداد وتصميم: omar khaled

تدقيق: Bara’a Thweib

مصادر: 1  2

شارك المقال: